التاريخ:13/6/2020
دخلت المحامية الشابة إهداء سيد عالم التطوع منذ أكثر من ثماني سنوات، وسجلت حضوراً لافتاً في العديد من الفعاليات والمؤتمرات، إلى جانب حرصها على مواكبتها للأنشطة الخاصة بفئتي كبار السن وأصحاب الهمم، وتزخر سيرتها الذاتية بمئات شهادات الشكر والتقدير، إلا أن إنسانيتها أصبحت أخيراً حديث عدد كبير من المتعافين من فيروس كورونا (كوفيد-19)، حيث اختارت التطوع لمساندة خط الدفاع الأول في خيام المسح وفنادق الحجر والعزل، ضمن «منصة متطوعي الإمارات»، متسلحة بالوعي والمسؤولية، ما دفعها إلى التفاني في تقديم الدعم النفسي والمعنوي للمصابين وأسرهم، وخير شاهد على ذلك مساهمتها الفاعلة في نزع فتيل الخوف والقلق والهلع لدى أحد الآباء الذي تردد باستلام ابنته واصطحابها إلى المنزل، بعد تعافيها من الإصابة بفيروس كورونا، متأثراً بالمعلومات المغلوطة والأخبار غير الدقيقة التي يتم تداولها.
مشهد مؤثر
إهداء سيد قالت لـ«الإمارات اليوم»: «لدى تواصلي مع الأب لإعلامه بشفاء ابنته العشرينية من فيروس كورونا ونتائج فحوصها السلبية، كان سعيداً في بداية الأمر وذرف دموع الفرح ابتهاجاً وحمداً لله على شفاء ابنته، إلا أنه سرعان ما دخل في دوامة الخوف والقلق، وبدأ يردد معلومات غير دقيقة مصدرها (القيل والقال)، وأبدى تردداً باستلامها، وبالنسبة لي شعرت بصعوبة موقفه، خصوصاً أن مقربين منه كانوا قد أقنعوه باحتمال عودة الفيروس لابنته مجدداً، ولكني طلبت منه الهدوء وقدمت له دعماً نفسياً كبيراً على مدار يوم كامل من خلال التواصل الهاتفي، إلى أن جاء لاصطحابها بالورود، وكان المشهد مؤثراً للغاية.
خائف من الموت
وتضيف إهداء «في موقف آخر تواصل أحد المصابين معي وكان خائفاً من الموت لدرجة البكاء، رغم استقرار حالته الصحية وعدم ظهور أعراض الفيروس عليه، والسبب في ذلك ما يسمعه من هنا وهناك عبر الفضاء الرقمي، فطمأنته وأكدت له أننا جميعاً، أطباء وممرضين ومتطوعين، نقف إلى جانبه وصولاً إلى شفائه، إلى أن هدأت نفسه وارتاح باله».
وتحدثت إهداء عن مواقف أخرى لاتزال راسخة بذاكرتها، وقالت: «كان أحد الأزواج يتواصل باستمرار معي ومع الأطباء للاطمئنان على زوجته المصابة بفيروس كورونا، ليساعدنا على رفع معنوياتها وتحسين حالتها النفسية، ولدى شفائها وقدومه لاصطحابها إلى المنزل، وجّه لنا رسالة شكر مؤثرة ودعوات صادقة، كانت بمثابة الوسام لنا جميعاً». وفي موقف آخر، قالت: «تلقيت طلباً من إحدى الأمهات من داخل غرف الحجر، حول إمكانية تغيير غرفة العزل التي تقيم فيها مع بناتها والحصول على جناح إقامة أكبر، ولدى سؤالها عن السبب، أوضحت الأم أنها طالبة جامعية وتتلقى محاضراتها عن بعُد، بينما بناتها يدرسن عن بُعد، كما أكدت أنها لن تستسلم لإصابتها بالفيروس وستواصل تعليمها بجد ومثابرة».
عائلة أخرى
وحول تجربتها التطوعية في ظل جائحة كورونا، أوضحت المتطوعة إهداء أنها لم تتردد لحظة واحدة، «لاسيما أن الإمارات تستحق منّا العطاء والتضحية»، وأضافت: «تطوعت في مواقع مختلفة خلال الجائحة، وقطعت عهداً على نفسي بالتفرغ الكامل لذلك رغم اعتبار كثير من الأهل والمقربين مني أن التطوع في هذه الأزمة مجازفة كبيرة، ولكن إيماني بالله كان كبيراً، ولدى مباشرتي العمل التطوعي إلى جانب الأطباء والممرضين شعرت بأهمية الدور وضرورة الصمود واتباع التعليمات، وقررت أن أتواجد يومياً لنحو 10 ساعات إلى جانبهم، وشعرت بأن لدي عائلة أخرى كبيرة من جنسيات متعددة، يجب الوفاء لها ورعايتها والعناية بها».
يوميات
وعن يومياتها في أماكن العزل، قالت إهداء: «كوني متطوعة في هذا المكان الحساس، فذلك جعلني أكثر دراية بمعطيات الواقع الميداني، وإحساساً بالمصابين ومراعاة لحالتهم النفسية، فكنت بمثابة الاسفنجة التي تمتص غضبهم تارة، وإحساسهم بالضجر والضيق تارة أخرى، من خلال التواصل معهم وتدوين ملاحظاتهم واحتياجاتهم ومراجعة مواعيد فحوصهم وإبلاغهم بنتائجها، والتأكد من كونهم بخير على مدار الساعة، خصوصاً أن بينهم أطفالاً وكباراً في السن، إضافة إلى إبقاء الأطباء والممرضين على علم بمستجدات العمل أولاً بأول».
خطورة الشائعات
قالت إهداء سيد إن «البعض لا يدرك خطورة نشره للشائعات والأخبار غير الدقيقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً تطبيق واتس أب، والبعض الآخر لا يعي تأثير كلماته وتعليقاته غير الإنسانية على نفسيات المصابين وأسرهم، حتى إن المتعافين لم يسلموا منها»، ودعت هؤلاء إلى التحلي بالمسؤولية، مضيفة «إن لم تردعهم الأخلاق عن بث الخوف في المجتمع، فمن المؤكد أن العقوبات والمخالفات ستكون لهم بالمرصاد».
المصدر: