التاريخ : 11/7/2020
جاء لدولة الإمارات زائراً لمدة يومين، ليغادر بعدها إلى بلده، لكن الأقدار ساقته إلى شيء مختلف، بعد أن أغلقت الحدود بين معظم دول العالم كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس «كورونا» المستجد.
فقد اقتضت الضرورة أن يبقى في الإمارات حتى إشعار آخر، فانشغل بكيفية الاستفادة من وقته خلال هذه الفترة، خاصة أنها غير محددة، فقرر التقديم للمشاركة كمتطوع، لينضم إلى فرق المساندة والدعم لخط الدفاع الأول بالإمارات لمكافحة فيروس «كورونا».
وبالفعل تم قبوله ضمن فرق المتطوعين، وبدأ بالعمل المكلف به وانتقل من مكان لمكان بين مؤسسات وعيادات وأماكن تقديم خدمات الرعاية الصحية والفحوص للأشخاص في إمارة دبي، لكن المفاجأة أنه بعد أن عادت مؤخراً خطوط الطيران للسفر بين الدول، رفض أن يعود لبلده حتى ينتهي هذا الوباء من دولة الإمارات، وتعلن هيئة الصحة بدبي شفاء آخر حالة مصابة.
إنه الشاب السعودي عبدالرحمن محمد المقرني، البالغ من العمر 36 عاماً، ويعمل في قطاع المقاولات في المملكة العربية السعودية الشقيقة الذي قضى حتى الآن 105 أيام في العمل التطوعي بدبي، كانت كفيلة بأن تحول المحنة إلى منحة، اكتشف فيها الكثير من الأمور، واستفاد منها على المستوى الشخصي.
لكن اللافت خلال الحوار مع المقرني، هو ما حوته رحلته التطوعية حتى الآن من دروس ومواقف، وما رسخته داخله من معانٍ جعلته يفكر في الاستمرار في الإمارات، لقناعته بأن السعودية والإمارات معاً بلده الأول.
في البداية، أكد المقرني الذي أصبح له أصدقاء في الإمارات من جنسيات مختلفة، أن التاريخ سيكتب أن الإمارات شامخة عصية على الأزمات؛ لأن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي والأهم للقيادة والحكومة، وأشار المقرني الذي تدرج في العمل التطوعي، وأصبح مسؤولاً أول بعيادة البلدية لفحوص «كورونا» بشارع الرقة بدبي، إلى أنه يذهب لعمله كل صباح ليشارك في ميدان الإيثار والتفاؤل والنجاح.
وقال المقرني: «يبدأ اليوم وينتهي سريعاً، لم أكن أشعر بالوقت إلا عند دخول وقت الصلاة، كنت وما زلت أقضي معظم وقتي في مصنع الإنسان، لم أشعر في يوم ولا لوهلة بأنني غريب، بل كنت أعلم يقيناً أنني في بلدي».
وأضاف: «تعلمت أن الصبر سلاح يستخدم في كل زمان ومكان، وتعلمت أن دوام الحال من المحال، وأن الصبر هو السلاح الوحيد الذي لا يخذل صاحبه، رأيت صبر الدكتور على المريض، وصبر عامل النظافة، وصبر رجل الأمن على عموم الناس».
وقال المقرني: «عندما ننظر ونتأمل في بداية الجائحة، نجد أن هناك طرحاً متفاوتاً عن جائحة (كوفيد - 19) بين دول العالم، كانت تختلف حدة الطرح من قادة تلك الدول وإشعارهم لمواطنيهم بتنصلهم من مسؤوليتهم تجاه شعبهم، ما أصاب الجميع بالخوف والهلع».
وأضاف: «بين هذا وذاك، خرج إلينا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقال جملته المشهورة (لا تشلون هم)، انطلاقاً من إيمانه بالله، وثقته بأنه لن يغلب عسر يسرين».
طمأنينة
أكد المتطوع السعودي أن كلام صاحب السمو ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعث الطمأنينة في قلب كل من يعيش في هذا البلد المعطاء، مشيراً إلى أن الإمارات تعاملت بحكمة مع هذه الجائحة، ووقفت حصناً منيعاً.. لم يكن هذا بالكلام، بل بنزول القيادة إلى أرض الميدان، والإشراف المباشر على بناء المستشفى الميداني ومراكز المسح، والتماس «حاجة من له حاجة» ممن تضرر بسبب الحجر المفروض.
وشدد على أن هذه الجائحة كانت خير برهان على أن الإمارات بناها الإنسان، نرى خطوط الدفاع الأول في جميع القطاعات يتفانون في العطاء، منهم من لم يرَ أهله لأشهر عدة؛ لأنه مؤمن بأن حب الأوطان من الإيمان.
ووصف المقرني حكومة الإمارات بأنها عين تسهر بحرص، عقل يفكر بحب، وأيدٍ تعمل بعطاء، كل منهم يعمل، وترى آثار الإعياء والتعب في عينه، وترى في عينه أيضاً ابتسامة فرح وتفاؤل، إيماناً بأن غداً أجمل، وأن مع العسر يسراً.
الإنسان قبل البنيان
قال الشاب السعودي عبدالرحمن محمد المقرني، إن من أهم دورس أزمة «كورونا» أنها أثبتت للعالم أن الإمارات بنيت على أساس ثابت على يد مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي يسير أبناؤه وحكام الإمارات من بعده على نهجه.
وأضاف: «عرفت الآن لماذا كثير من الناس يتمنون العيش في الإمارات، لأنها بنت الإنسان قبل البنيان لم يخطر ببالي أن أستقر وأعيش فيها، لكن اليوم لا أتمنى أن أغادرها أبداً، وهنيئاً لكم أيها الإماراتيون هذه القيادة».
وأكد المقرني، أن شعب الإمارات طيـــب وفيّ كريم قوي يفتخر بانتمائه لهذا البلد الطيب.
المصدر: سامي عبد الرؤوف (دبي)- الاتحاد