بقى مهرجان الشيخ زايد تلك الطاقة الإيجابية التي ترسخ العديد من القيم النبيلة، ومنها قيمة التطوع، حيث تجد عند دخولك المهرجان العديد من الأشخاص، الذين يسعون لتقديم خدماتهم لمختلف الجنسيات والمساهمة في نجاح مختلف الفعاليات.. شباب من أبناء الوطن المنتشرين في كل زوايا المهرجان وأجنحته كلهم حماس وطاقة وحيوية، يعملون بحب وشغف على إسعاد الجمهور وخدمة الفعاليات والعمل على إنجاح الحدث العالمي، من هؤلاء متطوعو البرنامج التطوعي «تكاتف» التابع لمؤسسة الإمارات، والذي يعمل على تعزيز قيم الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والخدمة العامة، والمشاركة المجتمعية.
خدمة الناس
تجدهم في مختلف المناطق ومختلف الأنشطة والفعاليات، يسعون جادين لخدمة جمهور المهرجان بكل شغف وحب، اختلفت جنسياتهم وأعمارهم، لكن قاسمهم المشترك حب الوطن وخدمة المجتمع، أصبح المهرجان بالنسبة لهم بيتهم الثاني، حيث بات أغلبهم ينتظر هذا الحدث الدولي سنوياً، ليعود إليه متطوعاً في خدمة الناس والمساهمة في إنجاحه، مؤكدين جميعهم أن التطوع في مهرجان الشيخ زايد يعتبر إضافة ومكسباً كبيرين بالنسبة لهم، لا سيما أنه يعتبر ملتقى لحضارات متعددة وانفتاحاً على مختلف الجنسيات، مما أكسبهم خبرات كبيرة على مدار سنوات انعقاد المهرجان.
مجلس الطفل
وقال قائد فريق متطوعي «تكاتف» هزاع محمد البلوشي، إن المهرجان يستوعب من 40 إلى 50 متطوعاً يومياً، يجري توزيعهم يومياً على نقاط الاستعلامات والبوابات في المهرجان، وعدد منهم يعمل في قرية «كيدز نيشن»، وأيضاً المسارح ومجلس الطفل، وغيرها من الأعمال، مثل تنظيم الفعاليات، والتعاون مع الشرطة بخصوص الأطفال المفقودين، والعمل على إعادتهم لذويهم، ونوه البلوشي بأهمية هذه المبادرة النبيلة في شكلها ومحتواها، وما تبنيه داخل الشباب والفتيات من عوامل ومقومات الثقة بالنفس، وتعزيز روح الولاء والانتماء للقيادة والوطن والأهل، وبذل المزيد من الجهد لرسم الابتسامة على وجوه الجميع.
90 متطوعاً
وأوضح البلوشي قائد المتطوعين الميدانيين على مدار 90 يوماً، أن أكبر عدد من المتطوعين كان 90 متطوعاً في يوم واحد، موضحاً أن المتطوعين يقومون بأدوار رئيسية عدة، وأدوار إضافية كدعم الجهات المشاركة في المهرجان، وأدوار في الفعاليات المصاحبة للمهرجان، مثل حملة التبرع بالدم وتنظيم عملية الفحوص، مثل فحص «كوفيد ـ 19»، حيث يتم تنظيم عملية فحص المشاركين في المهرجان أسبوعياً، مشيراً إلى أن أكبر عدد متطوعين عمل بأرض المهرجان صادف ليلة رأس السنة واليوم الوطني، حيث استقطب الحدث آلاف الزوار، إذ يجب دائماً أن تكون أعداد المتطوعين نسبة وتناسب مع الجمهور، ومن الأدوار الإضافية أيضاً تنظيم منطقة «كاستم شو»، حيث يتم إرشاد الجمهور وتأمين بعض الأماكن المخصصة لهم في هذا الفضاء.
التسجيل
كما أشار البلوشي إلى أن فريق المتطوعين والمتكون من جميع أبناء الوطن من طلاب جامعات وموظفين، أغلبهم من المناطق القريبة من المهرجان.
وعن آلية التطوع، أكد ضرورة التسجيل في الفعالية عبر تطبيق «فولنتيرز»، وبعدها يستفيد من دورة تدريبية بالمهرجان، موضحاً أن التطوع مفتوح في مختلف مناطق المهرجان والأدوار تختلف باختلاف الأيام، حيث يتناوب المتطوعون على مناطق المهرجان.
ولفت إلى أن أغلب المتطوعين يقومون بهذه المهمة حباً في فعاليات المهرجان، وسعياً منهم لخدمة الوطن، وليس من أجل تحقيق ساعات تطوعية، وهناك من الطلاب من حقق 100 ساعة تطوعية وزاد عليها، ومنهم من أصبح جزءاً من هذه الفعالية.
وقال إنه بدأ التطوع منذ 2013، واكتسبت مهارات عديدة، أهمها القدرة والتواصل مع مختلف الجنسيات وأنماط الشخصيات، لاسيما أن المهرجان ذو صبغة عالمية وجمهوره متنوع، حيث تضطر لتعلم لغته للتواصل معه، لافتاً إلى أن التطوع يكسب المتطوع قيمة الصبر وسعة الصدر، موضحاً أن 70% من المتطوعين من العنصر النسائي، واللواتي يتمتعن بصبر وسعة صدر وقوة تحمل والتأقلم السريع مع جميع المواقف.
وعن الميزة التي تعزز دور القائد قال: تتمثل في التعرف على شخصية كل متطوع، وتصبح له خبرة في اكتشاف ميول كل متطوع، ومن ثم توجيهه للمكان المناسب، ومع التجربة تصبح له القدرة على تقدير الأمور بشكل صحيح.
خبرة كبيرة
هاجر سعيد الهنائي طالبة من جامعة زايد متطوعة «تكاتف» بمهرجان الشيخ زايد بمنطقة مجلس الأطفال المفقودين منذ 3 سنوات، توضح أنها اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع الأطفال وأولياء أمورهم، تتمتع بشغف تجاه مساعدة الناس، وأصبحت تمتلك أدوات التعامل مع الأطفال من خلال المجلس الذي هو عبارة عن مكان يشبه حضانة أطفال من ألوان وطاولات وشاشة تلفزيون، ويوفر ألعاباً وأقلاماً، وحلويات، حيث يستقبل يومياً أطفالاً مفقودين في المهرجان، والذين يأتون إلى القسم عبر متطوعي «كلنا شرطة» أو عن طريق الجمهور، موضحة أنها بمجرد ما تتسلم الطفل تقوم بتهدئته، ثم تسجيل مواصفاته وأخذ جميع البيانات والاسم الثلاثي ورقم الهاتف إذا كان بإمكانه الإدلاء بهذه المعلومات، ثم الاتصال بولي الأمر، مؤكدة أن أعلى رقم استقبله مجلس الطفل هو 100 طفل مفقود في يوم واحد، وكان ذلك على فترات متباعدة.
وعن أعمار الأطفال الذين يتم استقبالهم في المجلس، قالت، إنهم يستقبلون الأطفال الرضع في عربات الأطفال، ومن أصحاب الهمم من 20 عاماً وما دون هذا السن، والأطفال من 10 سنوات وما دون ذلك، أما عن طريقة استقبال الأطفال، فأشارت إلى الحرص على عدم مغادرة الطفل المكان، والتهدئة من روعه بمختلف الوسائل.
مساعدة الناس
وقالت مريم العبري طالبة بجامعة زايد متطوعة «تكاتف» وتتطوع للسنة الثانية على التوالي بمهرجان الشيخ زايد، وفي مكان مجلس الأطفال، إنها ونظراً للخبرة التي اكتسبتها في التعامل مع الأطفال، أصبحت متمكنة من التعامل مع جميع شخصيات الأطفال، كما تعلمت بعض اللغات للتعامل مع جميع الجنسيات التي يستوعبها المهرجان، مؤكدة أنها في البداية كانت فكرتها من التطوع أن تحقق ساعات تطوعية، أما اليوم، فإن الشغف نحو مساعدة الناس هو الذي يحركها، وأصبحت تنظر بفارغ الصبر إلى انعقاد المهرجان، مشيرة إلى أنها بنت علاقات مع مختلف الجنسيات، وأتاح لها المهرجان فرصة التعرف على ثقافات الشعوب من فلكلور وطعام وصناعات وحرف تقليدية، ومن طرائف المجلس أن بعض الأطفال يتكرر قدومهم للمجلس، وأطفال يرفضون مغادرة المجلس بعدما يتم العثور عليهم، ومنهم طفل بقي في المجلس مدة 6 ساعات متواصلة، حيث يتم الاتصال بوالديه اللذين لم يردا على الهاتف إلى نهاية المهرجان.
تفاعل جميل
أحمد الحربي أحد المتطوعين الذين قاموا بتنظيم وإرشاد المتبرعين بالدم، إثر فعالية التبرع بالدم التي تم تنظيمها نهاية الأسبوع الماضي بالمهرجان، أكد أنه اكتسب خبرات عدة، وأن التطوع في المهرجان الدولي يتيح للفرد التعامل مع مختلف الجنسيات، الأمر الذي يجعله منفتحاً على جميع الشخصيات والأفكار، موضحاً أنه أصبح يتقن أكثر من لهجة، وعن دوره في الحدث أكد أنه وبحكم تنوع فعاليات المهرجان، فإنه تطوع في أكثر من مكان وتعامل مع مختلف الجنسيات، مما جعله ينفتح على الجميع ويستفيد من خبراتهم في إطار تفاعلي مثمر.
استعلامات
زينب البشر طالبة بكلية التقنية العليا بنات أبوظبي، تشكل تجربتها الأولى في مهرجان الشيخ زايد، أكدت أنها استطاعت أن تتغلب على خجلها، وأصبحت أكثر جرأة في التوجيه والرد على استفسارات الجمهور من خلال نقطة الاستعلامات، موضحة أن التطوع جعلها تكتشف جوانب جديدة في شخصيتها، منها الصبر والتعامل مع مختلف الشخصيات والجنسيات من خلال التعامل المباشر مع الجمهور، مشيرة إلى أنها اليوم اكتسبت خبرة في التعامل مع مختلف الشخصيات، وأصبحت تستمتع بعملها المباشر مع الناس، وأن هذه التجربة ستفتح لها باب التطوع في أماكن أخرى، ومنها التطوع في الحدث الدولي «إكسبو دبي».
استيعاب الأطفال
عالية سالم متطوعة بمنطقة «كيدز نيشن»، أشارت إلى أن التعامل مع الأطفال يتطلب الصبر وسعة الصدر والقدرة على التفاهم معهم، لا سيما أنهم يتميزون بحماس زائد. وقالت: من أدوارنا كمتطوعين تنبيه الجمهور للحفاظ على التباعد، وتسهيل الاستفادة من الورش، ونشرف أيضاً على المجسمات حتى لا يتم إتلافها من طرف الأطفال، لافتة إلى أن التطوع قيمة سامية، تشعر المتطوع بقيمته وفعاليته في المجتمع، ليكون عنصراً فعالاً ومعطاءً ومساهماً في ازدهار مجتمعه ووطنه.
المصدر: الاتحاد