15\10\2021


تولي دولة الإمارات، «ثقافة التطوع» في مختلف المجالات أهمية بالغة، وتسعى لأن تكون ظاهرة منتشرة بين الجميع لأثرها الطيب، في خدمة المجتمع وتقديم العون والمساندة للوطن المعطاء سواء عند وقوع الأزمات أو في المناسبات المتنوعة، وتبذل الحكومة جهوداً متواصلة كي يكون التطوع عنصراً محورياً في أي نشاط مشترك مع الجهات والمؤسسات العامة والخاصة، عبر إطلاق المبادرات والأنشطة المجتمعية.
وبرزت أهمية التطوع في العامين الآخرين بشكل كبير، مع تفاقم أزمة «كوفيد-19»، والتي دفعت آلاف الأشخاص على مستوى الدولة لمد يد العون ومواكبة جهود الدولة وتقديم المساعدة اللازمة في مختلف الأعمال، فكان النجاح مشتركاً، وتذللت العقبات ووصلنا بتعاون الجميع إلى بر الأمان.
وتصدرت المنصة الوطنية للتطوع «متطوعين. إمارات»، إحدى أهم محاور عام الخير، الحدث حيث أثبتت أن ثقافة العمل التطوعي تعزز جانب التنمية المستدامة، وتسهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال الجديدة، إذ بلغ عدد المتطوعين المسجلين فيها حتى ديسمبر 2020 نحو 622 ألفاً و392 متطوعاً من المواطنين والمقيمين ويبلغ عدد المتطوعين الذكور 292 ألفاً و290 متطوعاً بنسبة 46.96% من إجمالي عدد المتطوعين، بينما بلغ عدد المتطوعات 330 ألفاً و102 متطوعة بنسبة 53.04%، أما المتطوعون المواطنون فقد وصلت نسبتهم إلى أكثر من 50% من إجمالي المتطوعين، مقابل نحو 50% من المقيمين، فيما وصل عدد المتطوعين المشاركين في التطوع الميداني للتصدي للجائحة حتى ديسمبر 2020 إلى 26 ألفاً و540 متطوعاً، والمتطوعين الاختصاصيين في المجال الطبي والصحي بلغ 10 آلاف و922 متطوعاً، علاوة على 727 إجمالي عدد المتطوعين الافتراضيين. وإلى جانب المنصة كان للبرنامج الوطني التطوعي لحالات الطوارئ والأزمات والكوارث، الذي أُطلق من قبل الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، قاعدة متميزة من المتطوعين وتأهيلهم وتدريبهم لدعم ومساندة جهود الاستجابة الوطنية في حالات الطوارئ والأزمات والكوارث للحفاظ على أرواح ومكتسبات الدولة.

  • مزنة علي

تجارب وقصص
وتشير الطالبة مزنة علي الزعابي (الصف التاسع)، إلى تجربتها في العمل التطوعي، قائلةً: «بدأت تجربة التطوع منذ نعومة أظفاري حيث كنت أشارك مع أبي في الأعمال التطوعية في العديد من المؤسسات ومختلف الفعاليات، وأثر ذلك بشكل إيجابي على شخصيتي كطالبة، حيث كنت عضوة في فريق الهلال الطلابي في المدرسة عندما كنت في الحلقة الأولى، وفزت ضمن فريق الهلال بجائزة عون للعمل التطوعي، كما أنني عندما التحقت بالحلقة الثانية كنت عضوة في فريق فزعة التطوعي أيضاً في المدرسة، وكنت أشارك في تنظيم الفعاليات المدرسية، لأن التطوع عمل إنساني جليل، وسام، وقد جعل مني إنسانة إيجابية محبة للخير ولخدمة الغير، دون انتظار المقابل، فعندما أرى الفرحة ومشاعر الامتنان في عيون الآخرين أشعر بسعادة غامرة، وبأنني حققت إنجازاً رائعاً وكبيراً».

  • علي الزعابي

وعبر المواطن علي الزعابي، عن أهمية التطوع، وضرورة غرسه في نفوس الأبناء، قائلاً: «على أولياء الأمور أن يكونوا قدوة لأبنائهم في ممارسة العمل التطوعي سواء على المستوى الوظيفي أي في العمل أو في المجتمع بشكل عام، بحيث يلمس الأبناء ذلك في أولياء أمورهم، مما يحفزهم على الانخراط في العمل التطوعي، والتوجه له دون تردد، فعلى الجميع التكاتف معاً لنشر ثقافة التطوع وجعلها منهاجاً تسير عليه الأجيال القادمة».

سلوك فريد
وتروي نادية عبد العزيز الهرمودي رئيس قسم المتطوعين في هيئة الهلال الأحمر في مركز الشارقة، رحلتها في مجال التطوع، والتي بدأت قبل 8 أعوام، وكانت في الهلال الأحمر بالشارقة، من خلال المشاركة في مختلف المبادرات والفعاليات، والاهتمام بالتنظيم، والتنسيق والإدارة، إلى أن أصبح التطوع نهجاً يراودها بشكل دائم، فامتهنته لتصبح رئيس قسم المتطوعين.

  • نادية الهرمودي

وتقول: «إن التطوع سلوك إنساني نبيل يدل على مقدار عال من العطاء وحب الخير، والعمل التطوعي من أجمل الظواهر الاجتماعية والحضارية التي تهدف إلى التكافل والترابط بين أفراد المجتمع، حيث يقوم العمل التطوعي على خلق روح إنسانية تعاونية، وهي ممارسة تحتاج إلى ثقافة ووعي». وتضيف: «في ظل أزمة كورونا كان للعمل التطوعي دور بارز حيث كانت مشاعر الانتماء، والولاء واضحة وجلية من خلال ما شهدناه من توافد المتطوعين لمساندة خط الدفاع الأول لمواجهة تداعيات الوباء، وقد أظهر المتطوعون تفانيهم وتحليهم بروح المسؤولية الجماعية، وهذا يدل على أن ثقافة العمل التطوعي استطاعت تنمية قدرات الشباب في العمل من أجل مجتمعاتهم فهم عمدوا إلى تقديم الخدمات الأساسية، وساعدوا في عملية نقل المهارات وتبادل الممارسات الجيدة، واكتساب العديد من الخبرات، إذا فنحن ومن خلال ما نراه نشهد بنجاح الدولة في غرس ثقافة العمل التطوعي وتطويره في نفوس الشباب، والذين استطاعوا من خلال التطوع اتخاذ القرارات، وتحديد الأولويات، والعمل بشكل ناضج ومسؤول».

تكافل مجتمعي
عملت جائزة الشارقة للعمل التطوعي على دعم وتشجيع الجهود التطوعية خلال الجائحة من كافة جوانبها دون تخصيص، وتؤكد فاطمة موسى البلوشي، المدير التنفيذي لجائزة الشارقة للعمل التطوعي، أن دولة الإمارات أولت العمل التطوعي اهتماماً خاصاً باعتباره من أعمال الخير والبر التي تهدف إلى مساعدة المحتاجين وغير القادرين على توفير احتياجاتهم الحياتية، سواء أثناء الأزمات والكوارث أو في ظروف العوز والحاجة، وبالتالي يعزز التكافل المجتمعي بين أفراد المجتمع. 
وتقول: «نعمل على غرس التطوع في قلوب الصغار والكبار الذين بدأوا بنشر ثقافة التطوع، وعبر البرامج الثقافية للجائزة ساهمنا في نشر ثقافة العمل التطوعي والعمل الخيري ورفع الوعي بأهمية التكاتف والتعاضد بين أفراد المجتمع.
وتضيف: «لا شك بأن جائحة (كورونا) كان لها أثر بالغ في نشر ثقافة التطوع بشكل كبير جداً بين أفراد المجتمع، حيث إننا لن نغفل الدور الذي قام به المتطوعون أثناء الظروف الاستثنائية لجائحة (كورونا)، فقد ساهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء عن كاهل المحتاجين ونشر الوعي بين أفراد المجتمع بضرورة التكاتف ومساعدة الآخرين، وكانت النتائج إيجابية وحققت الأهداف المرجوة.

  • فاطمة موسى البلوشي

وتبين أنه كان لإسهامات أولئك المتطوعين دور كبير في التخفيف من تداعيات وآثار الجائحة، إذ إن المتطوعين في هذه الظروف سطروا قصة تكافل وشراكة تستحق التسجيل والتوثيق كقصص نجاح في العمل التطوعي الوطني المثمر، ونظراً لهذا الدور والتأثير الإيجابي الكبير للمتطوعين، حرصت جائزة الشارقة للعمل التطوعي، على تخصيص فئة لتقدير وتكريم المتطوعين في الصفوف الأمامية، نظراً إلى إسهاماتهم المتميزة والبارزة خلال جائحة (كورونا)، وتثميناً لجهودهم، واعترافاً بإسهاماتهم الكبيرة في التخفيف من تداعيات وآثار الجائحة على مستوى الدولة.

طلبة متطوعون
يقول الدكتور سعيد الكعبي، رئيس مجلس الشارقة للتعليم: «لقد لمسنا أثر التطوع البالغ خلال أزمة جائحة (كوفيد-19)، إذ كان هناك عدد كبير من طلبة الجامعات في التخصصات الطبية الذين قاموا بالمساهمة والمشاركة في سد أي احتياجات، من خلال العناية في المرضى أو حتى الإجراءات الأخرى، والتي تخفف من الضغط سواء على المرضى وذويهم، والعاملين في القطاع الصحي. فضلاً عن جهودهم أيضاً في الأعمال الخيرية المختلفة وفقاً للضوابط والقوانين الاحترازية.

  • سعيد الكعبي

ويبين أن زرع ثقافة التطوع في نفوس طلبة وطلاب المدارس والجامعات يسهم بشكل إيجابي في بناء نفوس سليمة، اعتادت تقديم الخير، والعون للجميع، وهو ما عمدت إليه القيادة الحكيمة في الدولة من خلال منبر وزارة التربية والتعليم، ففي في 27 نوفمبر من عام 2017. اعتمد مجلس الوزراء وثيقة (قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي)، التي تهدف إلى نشر الوعي بين المواطنين الإماراتيين بمسؤولياتهم وواجباتهم كمواطنين. ومن هذا المنطلق أطلقت الوزارة الدليل (دليل التطوع التخصصي) لوزارة التربية والتعليم وبما يتلاءم مع (الدليل الإرشادي للتطوع في بيئة العمل للجهات الحكومية) إيماناً بدور البيئة التربوية والتعليمية في تعزيز مفاهيم الوثيقة وأهدافها وأهميتها من حيث تعزيز القيم وتجديد ولاء الالتزام برؤى حكومتنا الرشيدة».

ثقافة
تؤكد حصة الخاجة مدير منطقة الشارقة التعليمية، أن ثقافة التطوع أصبحت من الأساسيات التي يتم تعليمها، في المدارس بين الكادر الإداري أولاً، والطلاب والطالبات ثانياً، حيث إنه أصبح مطلباً ضرورياً من متطلبات إكمال العام الدراسي، وتقول: «تقوم إدارات المدارس والمعلمون بالتنسيق والتواصل مع الجهات والمؤسسات المجتمعية، والخدمية والوطنية، والأمنية والتراثية وما يرتبط بالهوية الوطنية بما يختص بتطوير المهارات وتعزيز مجالات التعاون والعمل المجتمعي لنشر ثقافة الوعي المجتمعي بين الطلاب وحصر البرامج التي ينتسب الطلبة إليها لتطبيق العمل التطوعي، سواء كان داخل أطر لمدرسة أو خارجها، أو من خلال إطلاق المبادرات.

  • حصة الخاجة

مبادرات
تدعو مبادرة «يوم لدبي»، التي أطلقتها حكومة دبي عام 2017،  جميع المواطنين والمقيمين القادرين، إلى التطوع بيوم واحد في السنة لمساعدة الغير وتلبية احتياجات المجتمع، والحفاظ على مدينة دبي واستدامتها، بينما تحفز مبادرة «تكاتف»، إحدى أهم مبادرات مؤسسة الإمارات التي تهدف إلى تعزيز ثقافة العمل التطوعي في جميع أنحاء الدولة شباب الوطن على التطوع في قضايا اجتماعية مهمة، وتشجيعهم على الخدمة المجتمعية العامة، أما مبادرة «ساند»، والتي تعتبر مبادرة تطوعية أخرى لمؤسسة الإمارات بالتعاون مع الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، فتعمل على توحيد المتطوعين بدافع من الشعور بالمسؤولية المدنية، وتدريبهم على التعامل مع الأزمات، في حين تعمل مبادرة «كلنا شرطة»، التي أطلقتها شرطة أبوظبي على مد مزيد من جسور التواصل مع المجتمع وتحقيق انخراط أكبر لأفراده في جهود الأمن التي تبذلها الشرطة. 
وتطلق هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مبادرات تطوعية مختلفة ومنوعة، إذ يعمد العمل التطوعي فيها إلى جذب المتطوعين وإشراكهم في الأنشطة التي تدعم المجتمع على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بصورة فردية، أو من خلال جماعات تابعة لـ«الهلال» لتوزيع الأدوار التطوعية.

وتنوعت المبادرات التي تشجع على العمل التطوعي، ومنها: «أكاديمية الإمارات للتطوع في أبوظبي» والتي تهدف إلى غرس ثقافة العمل التطوعي وتأهيل الكوادر المحلية بالتعاون مع عدة جهات حكومية وخاصة ومنظمات غير ربحية. وقد جاء إطلاق الأكاديمية بناءً على التوصيات التي قدمها مؤتمر الإمارات للتطوع والملتقى الخليجي للتطوع، الذي عقد في أبوظبي تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات».وهناك أيضاً «برنامج دبي التطوعي»، حيث أطلقت هيئة تنمية المجتمع مبادرة برنامج دبي للتطوع، وهو أول برنامج تابع لحكومة دبي، وذلك لتتمكن من إدارة المبادرات التطوعية في جميع إمارات الدولة بصورة عامة وإمارة دبي بصفة خاصة.  بالإضافة إلى مبادرات غرفة دبي، حيث توفر غرفة دبي معلومات حول مشاريع العمل التطوعي الموجودة في دبي، وكيفية إشراك الموظفين في المجتمع، كما لاقت مبادرة «دبي العطاء» صدى عالمياً كبيراً، والتي تستضيف مجموعة متنوعة من الفعاليات على مدار السنة؛ لذا يعد الدعم والمساندة من كافة فئات المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة أمراً أساسياً. 

تلاحم
في عام 2016 أطلقت مجموعة من رجال الأعمال الإماراتيين مبادرة صندوق الوطن، كمبادرة مجتمعية تجسد تلاحم وتناغم أداء فئات المجتمع مع توجهات قيادة دولة الإمارات بهدف تحقيق التنمية المستدامة، ودعم النشاط الاقتصادي عن طريق الاستثمار في الموارد البشرية الإماراتية، ويهدف الصندوق إلى دعم الطلبة الموهوبين من الإماراتيين، واكتشاف 5000 من الطلبة الموهوبين من المواطنين، وتقديم التسهيلات التي تضمن دخولهم عالم الابتكارات والاختراعات، وتدريبهم، وتأسيس الأعمال لهم. كما يهدف إلى توفير التوجيه المهني لـ10 آلاف طالب إماراتي، وإتاحة دورات تعليمية وفرص تدريبية صيفية وشتوية لإكساب الخبرة العملية لحوالي 1000 مواطن. كما تتوافر حاضنات التطوع والتي أطلقت عام 2017، من قبل هيئة تنمية المجتمع في دبي نظام حاضنات التطوع، والذي يُعنى بتأطير العمل التطوعي للفرد، ضمن مساق يدعم قدراته التطوعية علمياً وعملياً، وذلك من خلال برنامج تدريبي تعليمي تم تصميمه وإعداده بالتعاون مع إحدى الجامعات الإماراتية.


المصدر: الاتحاد